بسم الله الرحمن الرحــيم
كلمة شكر ووفاء
إنّني أثبت في هذا المقام
*: كلمة شكر، وعرفان، ووفاء أزجيها بخاصّة لأستاذي الجليل المرحوم الشريف، السنّي، الحسنيّ، العارف بالله الكبير، الواصل، الموصل بالله، الحاج ( مصطفى عبد السلام الفيلالي )، قدّس الله سرّه ورحمه الله برحمته الواسعة، وإلى كافّة أشياخه، وإلى أهل السلسلة الطيّبة المباركة لأهل الطريقة ( العلويّة الدرقاويّة الشاذليّة ) أجمعين، أمطر الله على أرواحهم سحائب الرحمة والمغفرة آمين .
*: إلى كلّ المحبّين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وآل بيته الأطهار رضي الله عنهم أجمعين، ليعرفوا قدرهم عند الله أوّلا، ثمّ لينهلوا من هذا النبع الصافي الزلال القريب العهد من الله تعالى ثانيا، عسى الله أن يطلعهم على أخباره .
*: إلى كلّ إخواني من أهل ذكر الله أتباع الطريقة ( العلويّة الدرقاويّة الشاذليّة ) بخاصّة، وإلى كلّ أهل ذكر الله في كلّ بقاع الأرض على اختلاف مشاربهم وطرائقهم وأحوالهم بعامّة، راجيا الله أن يلهم الجميع الرشد والسداد في الرأي، مطابقا لما جاء به القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، إنّه سميع مجيب.
*: إلى روح والديّ رحمة الله عليهما، وأدخلهما الله تعالى جنّات الفردوس الأعلى، وإلى زوجتي البّارة، وإلى أبنائي وبناتي وأزواجهم وأولادهم وبناتهم جميعا، راجيا الله أن يكتب لهم في صحائفهم ثوابا من هذا العلم الّذي ينتفع به يوم لقائه سبحانه وتعالى .
*: إلى كلّ الأحباب والأصدقاء، وكلّ من ساعد في إخراج هذا الكتاب إلى حيّز الوجود من كافّة النواحي معنويّة وغيرها،وبالخصوص لمن قام بتدقيق اللغة العربيّة لهذا الكتاب، راجين الله تعالى أن يتمّم الفائدة المرجوّة .
*: إلى كلّ من كان له اليد الطولى وأسهم بنشر حلقات من هذا الكتاب في بعض الصحف، وبخاصّة صحيفة ( اللواء الأردنيّة الأسبوعيّة )، ولكلّ العاملين فيها رئيسا ومرءوسا، وكذلك المجلاّت الثقافيّة، والدينيّة، والعلميّة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة وخارجها .
المؤلّـــــف
بسم الله الرحمن الرحــيم
المقدّمـــة
إنّ شفاعته والصلاة عليه، أمر أكبر من أن يحصى أو يعدّ، فما هو إلاّ بحر محيط لا يعرف له ساحل، كثير العطاء، زاخر بالأسرار والعلوم والمعجزات الخارقة التّي وهبها الله لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وأجراها على يديه الكريمتين، فالله هو المتكفّل بإمداد أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام بكلّ ما يلزمهم من أمور دعوة العباد إلى الله، وتوحيده، وعدم الإشراك بـه .
إنّ النبوّة أو الرسالة أمر ربانيّ بحت، يخصّ به من يشاء من عباده، لأنّ النبوّة توهب من قبل الله تعالى لمن يشاء من عباده، والولاية تكتسب، فالنبوّة هي الأصل، والولاية هي الفرع لها وتستمدّ منها، ففي أوجه النبوّة أو الرسالة : ( عامّ، خاصّ، وعامّ وخاصّ )، ولقد غصّ بها القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، نذكر بعضا منها على سبيل التنويه والعبرة فقط
العــامّ : هو ما ورد بحقّه صلّى الله عليه وسلّم وبحقّ الأنبياء والمرسلين من الأمم السابقة، لقد ورد في محكم التنزيل بشكل عام
يقول الله تعالى : ( الّذين يتّبعون الرّسول النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبا عندهم في التّوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطّيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال الّتي كانت عليهم فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه أولئك هم المفلحون / الأعراف آية / 157 ) .
يقول الله تعالى : ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم مّن قصصنا عليك ومنهم مّن لم نقصص عليك وما كان لرّسول أن يأتي بآية إلاّ بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحقّ وخسر هنالك المبطلون / غافر آية / 78 ) .
إنّ التعميم ظاهر جليّ في هاتين الآيتين، فهي حقيقة ماثلة للعيان تقع ما بين عبارة وإشارة وتلويح وتشبيه،وهذا فن انفرد به القرآن الكريم عن سائر الكتب السّماويّة الأخرى المنزلة، فهو جوامع الكلم الّذي لا تنقضي عجائبه ولا تحصى معانيه .
إنّ الإشارة إلى سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم بصفته المعروفة عند الأنبياء والمرسلين ممّن سبقوه والمذكورة في كتبهم ، وهذه الصفة هي :( الأميّ )، فلقد وضع الحقّ تعالى النقاط على الحروف تنويها لكلّ ذي عقل سليم، سواء كان من المسلمين أو من أهل الكتاب، لكي يدرك الحقيقة الإلهيّة التي نعت الله بها نبيّه صلّى الله عليه وسلّم .
إنّ الخطاب الخاصّ بسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم مبيّنا له الحقّ بأنّ هناك الكثير من الأنبياء والرسل الّذين بعثهم الله من قبله، كلّهم مكلّفون بدعوة بني قومهم لتوحيد الله تعالى وعدم الإشراك به، مؤيّدون من قبله تعالى بآيات لإقامة الحجّة على النّاس، وهناك أيضا تنويها يقتضي عدم التفصيل بعددهم لأنّهم كثر، وقد اكتفى الحقّ بالأنبياء والرسل الّذين ذكرهم الله لرسوله المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، حتّى لا يطول به المقام ما بين الشرح والتفصيل، وهذه ناحية إعجازيّة في القرآن الكريم من باب الاكتفاء، لكي يترك للإنسان أن يجتهد، ويبحث، ويستنبط، ولعقله أن يفكّر .
إنّ الخطاب الخاصّ هو بسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وكما ورد في القرآن الكريم
يقول الله تعالى : ( يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدا ومبشّرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا / الأحزاب آية / 45 ، 46 ) .
يقول الله تعالى : ( يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس إنّ الله لا يهدي القوم الكافرين / المائدة آية / 67 ) .
إنّ في هاتين الآيتين من الخصوصيّة الكبيرة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، حيث لم يخاطبه الحقّ تعالى باسمه، وإنّما من باب رفعة المنزلة والتكريم له فقد خاطبه ب ( النّبي، الرسّول، المدّثر )، بينما خاطب الأنبياء والمرسلين ممّن سبقوه بأسمائهم وكما ورد في القرآن الكريم، أضف إلى ذلك تأييد الله له ووصفه بالمبشّر، والنذير، والداعي، والسراج المنير، وغير ذلك من الصفات الفريدة الّتي نعته الله بها، وهذه دلالة واضحة لا غبار عليها على أنّه خاتم الأنبياء والمرسلين وسيّدهم، وهو صاحب الموقف يوم القيامة .
إنّ ما ورد بحقّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم وسيّدنا عيسى عليه السلام من باب العام والخاصّ، يقول الله تعالى : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم مّصدّقا لما بين يديّ من التّوراة ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مّبين / الصف آية / 6 ) .
إنّ هذه الآية واضحة ببيانها، حيث أنّ عيسى عليه السلام هو نفخة من روح الله، فقد ولد من أم وبدون أب، فتنطوي في حقيقته لطافة ورقّة وشفافيّة متناهية، ولقد انفرد بهذه الصفة عن غيره من الأنبياء والرسل، وبالرغم من ذلك فقد بشّر ببعثة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم وتحديدا بالاسم، وكما ورد في الآية القرآنيّة أعلاه .
وأمّا ما ورد في السيرة النبويّة من باب العامّ والخاصّ
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، قـال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( إنّي عبد الله لخاتم النّبيّين وإنّ آدم عليه السلام لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأوّل ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمّي الّتي رأت، وكذلــك أمّهات النّبيّين ترين ) رواه الإمام أحمد في مسنده مسند الشّاميّين ورقم الحديث ( 16525 ) .
ففي هذا الحديث الدلالة القاطعة على أنّ الأنبياء والرسل حلقتهم متصلة مع الملأ الأعلى، ولا ينطقون إلاّ بما يؤمرون به من قبل الله عزّ وجلّ، فهم الأمناء على أوامر الله الّتي تملى عليهم من قبله، وكلّ منهم يبشّر بالأنبياء والرسل من بعده، فحلقتهم متصّلة، قويّة الترابط، لا يوجد فيها انفصام .
لقد أسميت هذا الكتاب : شرح بعض الصلوات والمدائح الّتي نظمت بحقّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، والترغيب، والحثّ من الإكثار من الصلاة عليه، وشفاعته، والبشائر ببعثته، وأفضليّته على المخلوقات كافّة، وتمّ تقسيمه إلى ثلاثة فصول، ويقع في ( 350 ) ثلاثمائة وخمسين صفحة من القطع الكبيرة .
|