New Page 1
New Page 1
صفحة الطريقة العلوية الدرقاوية على اليوتيوب
----------------
صفحة الشيخ الدكتور احمد الردايده على الفيس بوك
----------------
جمعية الشيخ العلاوي لاحياء التراث العلوي في المغرب
----------------
الطريقة الشاذلية على ويكيبيديا
----------------
صفحه الشيخ الدكتور احمد الردايده على قناه اليوتيوب
----------------
 
 
مؤلفات
الإسلام والعلم الحديـــث

بسم الله الرحمن الرحــيم

المقدمــة

       

        إنّ الفضل كلّه بيد الله الوهّاب المنّان الذي أحسن كلّ شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين،  والطين هو قمّة النسيان من جهة نظر البشر في هذا الكون حيث أنّه هو محط الرحال لأنّ يلقى عليه كلّ شيءّ .

         يقول الله تعالى : ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور / الملك آية / 15 ) .

         يقول الله تعالى : ( والسماء بنيناها بأيد وإنّا لموسعون  *  والأرض فرشناها فنعم الماهدون / الذاريات آية / 47 ، 48 ) .

        يقول الله تعالى : ( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينها في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش ما لكم من دونه من وليّ ولا شفيع أفلا تتذكرون / السجدة آية / 4 ) .

        يقول الله تعالى : ( إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب / آل عمران آية / 190 ) .

        يقول الله تعالى : ( إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ذلك الدين القيّم / التوبة آية / 36 ) .

         لقد ورد في الأثر المحمدي : فعن عبد الله رضي الله عنه، قال : ( صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فزاد أو نقص قال إبراهيم : والوهم منّي، فقيل يا رسول الله : أزيد في الصلاة شيء، فقال : أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس، ثمّ تحوّل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسجد سجدتين ) رواه مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة ورقم الحديث ( 893 ) .

         عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : ( الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السّنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان ) رواه البخاري في صحيحه كتاب بدء الخلق ورقم الحديث ( 2958 ) .

         عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله : ( وفرش مرفوعة، قال :  ارتفاعها لكما بين السماء والأرض مسيرة خمس مائة سـنة ) رواه الترمذي في سننه كتاب صفة الجنّة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورقم الحديث ( 2463 ) .

         عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال : ( أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجل فكلّمه، فجعل ترتعد فرائصه، فقال له : هوّن عليك فإنّي لست بملك إنمّاّ أنا ابن امرأة تأكل القديد ) رواه ابن ماجة في سننه كتاب الأطعمة ورقم الحديث ( 3303 ) .

         لقد ورد في الأسفار بأنّ سيّدنا موسى عليه السلام لما خرج هاربا من قومه، وكانت له حدّة آوى إلى شجرة، فخاطبته تلك الشجرة بقولها : ( يا نبيّ الله أما تحبّ أن تكون مثلي، الناس يرموني بالحجارة وأنا أرميهم بالثمار، فقال لها عليه السلام : ولماذا يدخلك الله النار، قالت : لشدّة ميلي مع الهوى ) .

         لقد ورد في بعض الحكم للعلماء العاملين الصالحين : ( كن كالأرض يلقى عليها كلّ مليح وكلّ قبيح، ولا تخرج للناس إلاّ ما هو مليح ) .

        يتضح لنا ممّا ورد بأعلاه بأنّ خلق الله لهذا الكون بما فيه من سماواته وأراضيه ونجومه وكواكبه ليس بالأمر السهل ولا بالأمر العبث، بل لأجل حكمة عظيمة جدّا لا يدركها إلاّ المتبحّرون في العلوم الربانيّة والكونيّة، والّتي تخرج لهم نتائج تبهر العقول مهما كانت واسعة الأفق والتفكير والخيال والتأمّل، لقد أطلق الله العنان لهذه العقول أن تفكّر فيما هو حولها من مرئيّات وغيبيّات، لتتلمّس طريق الحقيقة من الهداية لتوحيد الله أوّلا، ولاكتشاف بعض العلوم الكونيّة ثانيا، وهذا كلّه بتقدير من الله العليّ العظيم، فإنّ طريق الهداية هو خاص من الله لمن يحبّ من عباده المؤمنين، وأمّا طريق الاكتشاف للعلوم الكونيّة فإنّ الله يجريها على يد من يشاء من مخلوقاته بغض النظر عن دينه وعرقه وجنسه، وهذه ناحية يشترك بها الجميع وبدون تمييز، لأنّ العدل هو أساس الحياة في هذا الكون الواسع المترامي الأرجاء، وبالعدل يسود الأمن والأمان وتصلح العلاقة ما بين المخلوقات بعضهم ببعض .

        يقول الله تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء / الأنعام آية / 38 )، وإنّ هذه الآية شاملة عامّة، وقاعدة ذات ركيزة قويّة تحمل كلّ ما يبنى فوقها، وهي قول جامع لكلّ العلوم الربانيّة والكونيّة وتفرّعاتها، وما يلحقها من التعليمات التي تصلح شأن المخلوقات مع الخالق، وشأن المخلوقات بعضهم ببعض، وهذا أمر فيه غاية الأهميّة تستمد منه العقول السليمة والقلوب الواعية المتيقظة، فسبحان من سخّر كلّ ما في هذا الكون لبني البشر طوعا وكرها، رغبة ورهبة، سبحان من تعالى في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله، حيث له دلالة في كلّ شيء آية تدلّ على أنّه واحد، متفرّد صمد، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير .

        إنّ لكلّ زمان له ما يخصّه من العلوم الكونيّة الإعجازيّة، والّتي تليق وتوافق عقول أهل ذلك الزمان، حيث ما يخصّ أهل زماننا ونحن في القرن الواحد والعشرين لا يلائم أهل الزمان الذي سبقنا، أو لأهل الزمان الذي هو لاحق، لأنّ القدرة الإلهيّة تقتضي أن تحقّق في كلّ زمان علما يختلف عمّا قبله وعمّا بعده،  وهذا هو النداء الصارخ الموقظ لضمير الإنسان بأن يتذكر بأنّ لهذا الكون خالقا مدبّرا متفرّدا، لا يشاركه إله غيره، يقول الله تعالى : ( قل لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا فسبحان الله ربّ العرش عمّا يصفون / الأنبياء آية / 22 )، ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عمّا يصفون / المؤمنون آية / 91 )، وهذا هو البيان الفصل الّذي يشدّك إلى خالق السماوات والأرض، سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا . 

        إذا يتضح لنا ممّا تقدّم بأنّ هذا الكون موسوعة ربّانيّة واسعة جدّا مترامية الأرجاء، حاوية شاملة لكل ما يلزم للإنسان في هذا الكون من جهة اتصاله مع من خلقه، ومن جهة أخرى ما هو الواجب الملقى عليه اتجاه عمار هذا الكون المكتنز فيه سرّ الصانع سبحانه وتعالى، والذي بدوره يحدو بالعقول البشريّة للتوصل لبعض العلوم المطويّة وإبدائها لينتفع بها المخلوقات على وجه هذه البسيطة . 

        إنّني في هذا المقام أود أن أترجم بعضا من نواحي هذه العلوم الكونيّة، وما هو دليلها من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، وبطريقة دينيّة علميّة، مبنيّة على الحقائق المستنبطة في هذا البحث المستفيض، تيمّنا للفائدة المرجوة لبني الإنسان، حيث يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، ولقد عملت على تقسيم هذا الكتاب إلى عدّة فصول، كلّ فصل يبحث في موضوع محدّد، ولنا منها ما تمّت كتابته، وإن الجهد والعناء المبذول لهو في غاية الصعوبة، وذلك في البحث عن المصادر العلميّة والتي هي قلّما تكون متوفرّة، وكذلك عن الدليل لها من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، حتّى يتمّ بناء هذا الشيء على أسس ودلائل واضحة، تارة من باب الإشارة، وتارة من باب العبارة، وتارة من باب الطيّ، وتارة من باب النشر، وتارة من باب القياس، وتارة من باب الاستنباط الاجتهادي الذي يدلّ على عمق الفكر .

        ولقد أسميت هذا الكتاب : الإسلام والعلم الحديث، وإنّ الفصول التي يحويها هذا الكتاب الصغير في حجمه، الكبير في ما يحويه، هي أربعة فصول : ( البصمات والقدرة الإلهيّة العجيبة، الأمواج الصوتيّة والكهرومغناطيسيّة والحركة الاهتزازيّة، علم الفلك، التصوير التشخيصي بالرنين المغناطيسيّ ) وإنّ كلّ من قرأ وتأمّل يجد العجب العجاب في قدرة الخالق سبحانه وتعالى في ملكه، والعجز الباهر في كلّ ما يكتشفه الإنسان قلّ أم كثر إذا نسب إلى تلك القدرة التي لا تحيط بكنهها العقول والأفهام، ولكن التعبير على قدر التنوير، حيث يقول الله تعالى : ( وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا / الإسراء آية / 85 ) .

        وإنّني أترك هذا الأثر للباحثين والمحقّقين، لبناء لبنات أخرى كلّها خير وفائدة لبني البشريّة، حيث أنّ الفكر البشري هو متمّم لبعضه البعض، في البحث والتحقيق في كافة المواضيع العلميّة وغيرها، وهذه هي مسؤوليّة جماعية تقع على عاتق كلّ من هو مستطيع من بني البشر يعيش فوق هذه الأرض، حتّى يبدو كلّ ما هو جديد، ومفيد لهم في حياتهم .

         يقع هذا الكتاب في ( 186 ) مائة وستّ وثمانين صفحة من القطع الكبيرة .

        والله الموفق إلى سواء السبيل  .