بسم الله الرحمن الرحــيم
المقدمة
إنّ خير القول هو قول الله سبحانه وتعالى، وخير الهدي هو هدي رسوله المصطفى صلّى الله عليه وسـلّم .
يقول الله تعالى : ( وأتمّوا الحجّ والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي / البقرة آيـــــة / 196 ) .
إنّ الحجّ والعمرة هما من فرائض الله وسنن رسوله المؤكدة والمستحقّة على كل من قال : ( لا إله إلاّ الله محمد رسول الله )، وكان مستطيعا لذلك أي يملك الراحلة والزاد وتأمين عياله أثناء غيابه، فالحجّ والعمرة هي مطهرة لبدن وقلب الإنسان ومكفّران لذنوبه، حيث أنّ المزار يكرم زائره، فهنيئا لمن كتبها الله لـه .
والصلاة والسلام على النّبيّ الهادي البشير سيّد ولد إسماعيل سيّدنا محمد صلّى الله عليه، وعلى آله وكلّ الصحابة أجمعين، والتابعين، وتابعي التابعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، اللّهم صلّى على محمّد صلّى الله عليه وسلّم صلاة كاملة شاملة كما تحبّ وترضى .
عن سليمان مالك ابن الحويرث رضي الله عنه، قال : ( أتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ونحن شبه متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظنّ أنّا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمّن تركنا في أهلنا فأخبرناه، وكان رفيقا رحيما فقال : ارجعوا إلى أهلكم فعلمّوهم ومروهم، وصلّوا كما رأيتموني أصلّي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذّن لكم أحدكم، ثمّ ليؤمّكم أكبركم ) رواه البخاري في صحيحه كتاب الآداب ورقم الحديـــــث ( 5549 ) .
وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو القائل في خطبة الوداع، مخفّفا على هذه الأمّة المرحومة : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال : ( رأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عند الجمرة وهو يسأل، فقال رجل : يا رسول الله نحرت قبل أن أرمي، قال : ارم ولا حرج ، قال آخر : يا رسول الله حلقت قبل أن أنحر، قال : انحر ولا حرج، فما سئل عن شيء قدّم ولا آخّر إلاّ قال : افعل ولا حرج ) رواه البخاري في صحيحه كتاب العلم ورقم الحديث ( 121 )، والدارمي في سننه كتاب المناسك ورقم الحديث ( 1828 ) .
يتّضح بأنّ ما قدّم وأخّر من أعمال الحجّ إلاّ وخفّف عليهم ولا يضيّق على هذه الأمّة، كيف لا وهو المبعوث رحمة للعالمين، حيث يقول في أحاديث كثيرة مرويّة عنه صلّى الله عليه وسلّم مرغّبا ومبشّرا لأمتّه حتى تسعى حثيثا إلى مغفرة من الله ورضوانا، وطهارة لأبدانها، والتخلّص من ذنوبها الّتي طالما أرّقتها ليال طـوالا .
إذا فالحجّ والعمرة هما بابان كبيران لينال العبد المغفرة من الله سبحانه وتعالى، فهما مقامان ذلّ وانكسار وحسرة وتوبة وإنابة وندامة .
عن وهب بن خنبش رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( عمرة في رمضان تعدل حجّة ) رواه ابن ماجة في سننه كتاب المناسك ورقم الحديث ( 2982 )، والإمام أحمد في مسنده مسند الشاميّين ورقم الحديث ( 16940 ) .
عن عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت : ( يا رسول الله : يرجع أصحابك بأجر حجّ وعمرة ولم أزد، فقال لها : ويردك عبد الرحمن، فأمر عبد الرحمن أن يعمّرها من التنعيم، فانتظرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأعلى مكّة حتى جاءت ) رواه البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير ورقم الحديث ( 2762 ) .
إنّ كلمة ( قال الشيخ، أو الشيخ، أو ويضيف الشيخ قائلا ) أينما وردت فهي تعني : ( أحمد الردايدة )
واقتفاء لهذه التعليمات النبويّة، ومتابعة الطاعات والعبادات على النهج النبويّ الشريف، وتطبيقا للأحاديث الشريفة، وإحياء لبعض السنن المندرسة الّتي يحرص ويقوم بإحيائها أهل الذكر والصالحين من هذه الأمّة، وحرصا من المربيّن من أهل السلسلة للطريقة ( العلويّة الدرقاويّة الشاذلـيّة ) في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وتجديدا منهم للأثر المحمّديّ، وتحفيزا ونهوضا لهمم المريدين لطلب رضاء الله، والعمل على ما يجعلهم من المقبولين في الدار الآخرة، ولغرس روح الطاعة في قلوب الجميع، والتذكير بالتعاليم والآداب النبويّة في الحضر والسفر وفي مواطن الطاعات، وحثّا للجميع لأداء هذه المناسك الطيّبة المباركة، وامتثالا لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ( العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة ) .
لقد قام بعض أتباع هذه الطريقة الميمونة بأداء العمرة جماعة، متجرّدين لله، وطالبين مغفرته ورضاه، فشدّوا الرحال إلى تلك الديار المقدّسة ثلاث مرّات وأكثر، للفوز بهذا الأمر العظيم، متوجّهين بكلّ جوارحهم وأحاسيسهم لهذه الزيارة، راجين الله أن يجمعهم يوم لقائه في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإخوانه الأنبياء والمرسلين، والصحابة والتابعين، وتابعي التابعين، والعلماء، والصالحين من الأمّة المحمديّة .
إنّهم يهدون هذه السياحة والزيارة في سبيل الله بكاملها إلى الحضرة النبويّة الكريمة، ومن جنابه الشريف إلى الحضرة الأقدسيّة العليّة، طالبين رضاه ومغفرته وتوفيقه، وأن يجعل لهم من سبل الخير والعلم والفلاح في الدنيا والآخرة الشيء الكثير، وأن يهبهم من لدنه علما ربانيّا موهوبا فإنّه على كلّ شيء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير وما ذلك عليه بعزيز .
كما لا يفوتهم في هذا المقام أن يكرم الله أهل هذه السلسلة المتصّلة بالحضرة النبويّة أحياء وميّتين، وأن ينفعهم ببركاتهم، ويمددهم بمددهم، ويكرمهم بكرمهم، وأن يجعل هذه السياحة من الصدقة الجارية في صحائف الجميع لما فيه الخير والصلاح، وأن يكتب الله النفع لأفراد هذه الأمّة على يد العلماء الصالحين، والمربّين، والمرشدين الدالّين على الله بالله، وأن يأخذ بأيدي الجميع لما فيه الخير والصلاح والهداية والرشاد، وأن يشدّ عزيمة الجميع للإقدام على الله قلبا وقالبا .
كما أنّ السياحة والزيارات، وحضور المؤتمرات في أقطار العالم تثر معلومات الإنسان، فحسب، بل تجدّد من نشاطه، وتزيد من علمه، وتعرّفه بشريحة واسعة من العلماء على اختلاف دياناتهم ولغاتهم وأعراقهم وعلى مستوى العالم، وعندها ينتهج الإنسان ما هو أفضل، لأنّ الحكمة هي ضالّة المؤمن .
يقول الله تعالى : ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكّر إلاّ أولا الألباب / البقرة آية / 269 ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( الكلمة الحكمة ضالّة المؤمن حيثما وجدها فهو أحقّ بها ) رواه ابن ماجة في سننه كتاب الزهد ورقم الحديث ( 4159 ) .
لقد وفق الله تعالى الشيخ لأن يكتب ما برز من المشكاة الرحمانيّة في هذه الزيارات المباركة من الخير الكثير من التجليّات والعلوم الفيّاضة، وعلى قدر طاقته واستيعابه وبما تتحمله حوصلته بأمانة وإخلاص حيث لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها، أملين من الله النفع والعبرة لكلّ من يقرأ أو يسمع أو يتعلّم، يقول الله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا / الأحزاب آية / 21 ).
هكذا درج الصحابة، والتابعون، وتابعي التابعين، والأولياء الصالحون في كلّ الأزمنة معلّمين ومرشدين رضي الله عنهم، فعليك الصلاة والسلام يا رسول الله، وعلى الصحابة، والتابعين، وأهل السلسلة المباركة أجمعين، وفق الله الجميع لما فيه الخير والهداية والصلاح، والحمد لله ربّ العالمين .
لقد أسميت هذا الكتاب : ( نور العلم والمعرفة في الزيارات، والسياحة، والمؤتمرات، والملتقيات الدوليّة )، ولقد قسّمت هذا الكتاب إلى ثلاثة أبواب، وكلّ باب فيه فصول، وهذه الأبواب هي
* : الباب الأوّل : الحجّ، والعمرة إلى بيت الله الحرام، وزيارة قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم .
* : الباب الثاني : السياحة إلى بلاد ما بين الرافدين / العراق ( التكيّة الشاذليّة ) .
* : الباب الثالث : زيارة الجمهوريّة الجزائريّة ( الحضور والمشاركة بملتقى دولي ) .
الحاج أحمد حسن شحاده الردايده
خادم وشيخ الطريقة العلويّة الدرقاويّة الشاذليّة
المملكة الأردنيّة الهاشميّة
اربد ص . ب ( 1593 )
تلفاكس ( 0096227314018 )
البريد الالكتروني radaideh15@hotmail.com
|